ولنبدأ بهذا الدر الذى نثره منظوما شيخنا
الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى المكنى بـ )فخر الدين(
جـل من يحيى عـلوما
بعـدما بلـغت عتـيا
إن عـلمى فى الأعـالى
كـان إسـما أو سمـيا
من علومى فى الفـيافى
يطـلب الظمـآن ريـا
من يروم العلم عنـدى
يجتـنى رطـبا جــنيا
قد حـبيت العلم لمـا
كنت فى مهدى صـبيا
فاتبـعنى يا مـريـدى
أهدك العـلم السـويا
هذه أوصاف عـلمى
يامـريــدى فتهـيا
إننى مـن فضـل ربى
حيث ترجـونى سـويا
هذه نفحات ربانية وأزهار ندية تتعطر بها أفئدة المتعرضين لنفحات وبركات القطب الفرد الجامع الكبير والعلم الشهير وشيخ شيوخ العصر الذى تجمعت فيه عطايا الرشاد النبوية والذى ملأ الدنيا نورا وعلما.
نسـبه:
قال تعالى:﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾فمن أ صل الشجرة النبويةنما غصنه ومن سلسلة الزهراء نبتت زهرته ومن ثمار باب مدينة العلم أينع ثمره فكان بحق خير خلف لخير سلف ولم يركنإلى نسبه بل ارتكن إليه فى الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل , فالتحق بتقواه بجده رسول اللهالقائل)أنا جد كل تقى(فاستحق شريف النسب شرف المحبة والحسب.
*سيدى فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده؛ البرهانى طريقةً والمالكى مذهباً والسودانى مولدا فى سنة 1902م والذى تواترت إليه الطريقة كابرا عن كابر؛ جدا فجد حيث اتصلت به ظاهرا عن طريق جده’الحاج فضل‘الذى أخذ الطريقة عن سيدى’إدريس ود الأرباب‘صاحب المقام المعروف بالعيلفون )بلدة قرب الخرطوم بالسودان( والذى أخذ الطريقة عن سيدى الشريف’أبى دنانه‘عن سيدى’أحمد زروق‘المغربى عن سيدى’أبى المواهب الشاذلى‘حفيد سيدى’أبى الحسن الشاذلى‘والذى ألف بين أوراد القطبين الكبيرين سيدى إبراهيم الدسوقى وسيدى أبى الحسن الشاذلى فكان أول من رفع لواء الطريقة الممزوجة }الدسوقية الشاذلية{ حتى كتب الله لذلك كله أن يظهر مؤيدا منصورا على يد سيدى فخر الدين الشيخ’محمد عثمان عبده البرهانى‘. فعلت الراية فى أرجاء المعمورة مشرقا ومغربا, ودخل الألوف على يديه فى دين الحبيب المصطفى سالكين إلى الله على طريقته منتفعين بحلقات علمه اليومية فى الفقه وعلوم التصوف.
خدمته للدين وإرساؤه لدعائم التصوف:
كان لمولانا الشيخ الفضل كل الفضل فى النهوض بالتصوف والصوفية ليس فى السودان فحسب بل فى جميع بقاع العالم, فقد نظم حضرات الذكر ونظم الإرشاد وأعاد الحياة لقراءة الأوراد وقيام الليل،وربط التصوف الذى هو لب الدين بالحياة والمجتمع،وحبب فى كسب الرزق عن طريق شريف،وحض على أن يكون الفرد نواة صالحة فى بناء أسرة كريمة ولبنة مستوية فى صرح مجتمعه الذى يعيش فيه, وكانت الجرعة أكبر بالنسبة للشباب من الجنسين فلاقت طريقته إزدهارا فى بلاد لم تر الله خالقا فأصبحت بفضل الله من أهل التوحيد وفى ذلك يقول:
وجـبت بلاد الله شرقا ومغـربا
بذرت بأقـطار الأعـاجم حنطتى
دخلت قلوبـا لم ترى الله خـالقا
فصارت بفضل الله من أهل وحدتى
وكما قال الحبيب المصطفى:يبعث الله على رؤوس الأشهاد كل مائة عام إماما يجدد للناس أمر دينهم(فقد كان التجديد سمة لمولانا سيدى فخر الدين, وذلك فيما قد تجلى واضحا فى درسه اليومى الذى كان يلقيه لسنين طوال فأبان عن الجديد من فقه القرآن وعلوم الحديث الشريف، والجديد فى مفهوم الحكمة من مشروعية العبادات والأحكام، وذلك إلى جانب ردوده على الأسئلة التى كانت توجه إليه فى شتى العلوم من فلك وكيمياء, كما برعفى معرفة الطب وعلاج الأمراض المستعصية واشتهر عنه معرفته الدقيقة بالأنساب فى أصل القبائل بل والأمم عربا وعجما. ولذا سعى إلى مجلس علمه كثير من علماء عصره وكان أسبقهم فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود وفضيلة الشيخ أحمد حسن الباقورى وفضيلة الشيخ الدكتور عبد المنعم النمـر والدكتور طه حسين الذى قال:سمعت أن الشيخ كتاب مفتوح ولكن لما جلست إليه وجدته مكتبة مترحلة‘
*لحق بجوار ربه فى الحادى والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعمائة وألف من الهجرة الموافق الرابع من إبريل سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة وألف.